صدر منذ أيام قرار مجلس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها في الأردنّ الحبيب بمنح كلية الآداب والعلوم في جامعة الشرق الأوسط شهادة ضمان الجودة بالمستوى الذهبيّ، فكان فضل الله تعالى عظيمًا؛ إذ إنّها نالت بذلك قصَب السّبْق على مستوى الكليات المماثلة في الجامعات الأردنيّة كافة، مؤكدة في الوقت ذاته أنّها – وهي أمّ كليات جامعة الشرق الأوسط – جزء حقيقيّ لا يتجزّأ من الكلّ؛ فالجامعة نفسها حاصلة منذ عامين على الشهادة الذهبية عينِها على مستوى المؤسسات التعليميّة، أما الشقيقة كلية الحقوق فقد رادت مثيلاتها في الجامعات كافة، فحازت منذ عامين الذهبيّة ذاتها على مستوى البرامج الأكاديميّة المطروحة فيها، وما من شكّ في أنّ ذلك كلّه يعكس دلالات عديدة عميقة، لعلي أسبرها في سطور هذه المقالة التي أكتبها بحروف فخر واعتزاز بالمؤسسة التي أنتمي إليها، وقد أثبتت خلال سنوات قصيرة من عمرها المديد بإذن الله، أنّها صاحبةُ قرارات مؤسسيّة عقلانيّة، وواضعةُ أطر تنفيذيّة جمعيّة، ومالكة أدوات رقابة فاعلة وبنّاءة حقيقيّة، محتكِمة في ذلك كلّه إلى قواعد التخطيط الإستراتيجي الحكيم، وأسس الحوكمة الرشيدة، المتجسّدة فكرًا وأداء في شخص مؤسّسها الدكتور يعقوب ناصر الدين حفظه الله، الذي راهن من خلال جامعة الشرق الأوسط على بناء الإنسان، أغلى ما يملك الأردن، وعلى تطوير العلم الرفيع الرّافع، وعلى إنتاج المعرفة نور الحياة.
استنادًا إلى قانــــون اعتمــاد مؤسســات التعليــم العالي وضمــان جودتها رقـــم (20) لسنة 2007 وتعديلاته، أنيطت بهيئة اعتمــاد مؤسســات التعليــم العالي وضمــان جودتها في المملكة الأردنية الهاشمية مهمة “تحسين نوعية التعليم العالي فيها، وضمان جودة مخرجاته، باستخدام معايير قياس تتماشى مع المعايير الدولية”، من خلال أمور عديدة من بينها وضع معايير تضمن جودة مؤسسات التعليم العالي وبرامجها، ثمّ مراقبة مدى التزام تلك المؤسسات بالقوانين والأنظمة والتعليمات الناظمة لذلك؛ لغايات تحقيق أعلى مستويات جودة الأداء، من حيث: المدخلات، والعمليات، والمخرجات، وصولًا لمنح تلك المؤسسات شهادة ضمان الجودة على مستوى المؤسّسة التعليميّة، وعلى مستوى البرامج الأكاديميّة.
والأكيد أن حصول جامعة الشرق الأوسط وكليّاتها على شهادة ضمان الجودة الوطنية بالمستوى الذهبيّ له طعم آخرُ لذيذٌ مختلِف، حملَتْه ثمرةُ جهد دؤوب، وعمل موصول، اشتركت فيه وحداتها الأكاديميّة والإداريّة كافة، وعَمِل – وما زال يعمَل -لأجل الحصول عليه كلٌّ في موقعه، بمسؤوليّة وأمانة واقتدار، متمثّلين التوجّه الإستراتيجيّ لجامعتنا، وقد عبّرت عنه رؤيتها: جامعة جادة، وملتزمة، وساعية للتعلّم، ورسالتها في إعداد القادة من خلال تهيئة بيئة تعليميّة وبحثيّة إبداعية ورائدة، تحفِز على التعلُّم والبحث العلميّ وخدمة المجتمع، كيف لا؟! ونحن نسهم جميعًا – أعني منتسبيها كافة- في بناء الخطط الإستراتيجيّة لها، ونبني عليها الخطط الإستراتيجية والتنفيذيّة لوحداتنا الأكاديميّة والإداريّة المختلفة، مؤمنين بأولوليّاتها الإستراتيجية كلّها، وأولاها: “الجودة المحليّة للبرامج، والاعتمادات الدوليّة للتخصصات، والتصنيف المحليّ والدوليّ”، مدركين بكلّ تقدير واعتزاز أننا نعمل في جامعة محترمة، تحترم وطنيّتها، وتمثّل حالة مشهودة للمواطَنة الصالحة؛ لأنها تؤمن أن تحقيق الجودة الوطنيّة، وامتلاك ثقة المجتمع المحليّ سيقودها حتمًا نحو العالميّة التي سعت لها وحقّقتها على أبعد مستوى.
لقد أدى حرص جامعة الشرق الأوسط على تطوير برامجها وخططها الدراسيّة لتتلاءم مع التوجّهات الوطنيّة والعالميّة ومتطلبات سوق العمل، إلى رسم صورة مشرقة وضّاءة، وتكوين سمعة طيّبة لها محليًّا وعالميًّا، قادتها إلى جنْي الذهب النفيس من جهة، ومنحتها فرصة استحداث تخصصات جديدة منافِسة، تواكب متطلبات سوق العمل المحليّ والعالميّ من جهة أخرى، منها على سبيل المثال: تصنيع المستحضرات التجميليّة والكيماويّة، وذكاء الأعمال، والتكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعيّ، والإعلام الرقميّ. أمّا عالميًّا، فقد سبقت غيرها من الجامعات إلى تكوين شراكات وتفاهمات أكاديميّة مع جامعات دوليّة مرموقة، كجامعة بيدفوردشير البريطانيّة التي تستضيف منها برامج معتمدة لمنح الدرجات العلميّة المختلفة في تخصصات عديدة تُدَرّس في رحابها، وجامعة ستراثكلايد البريطانيّة التي أطلقت معها الجامعة برنامجًا مشتركًا في تخصّص الصّيدلة، والجهود في هذا الإطار مستمرة نحو تحقيق المزيد، في دلالة واضحة وأكيدة على رفعة سمعتها الأكاديميّة عالميًّا كما هو الأمر محليًّا وإقليميًّا.
في هذه الأيام تغمرني مشاعر فرح وغبطة، فالذهبيّة الجديدة من نصيب كلية الآداب والعلوم، كليّتي الحبيبة، والحصاد حصاد زميلاتي وزملائي فيها، وقد قدّموا عبر السنين جهدًا تراكميًّا فذًّا، متمثّلين قول نبيّنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه:” إنّ الله يحبّ إذا عمل أحدُكم عملًا أن يتقنه”؛ الأمر الذي أفضى إلى فوز مستحَقّ، ضاعف الثقة في جامعتنا الحبيبة وضاعف فرحي؛ لأنّني أسهمْتُ بكلّ تواضع في تحقيق هذا الفوز المشرّف من خلال فريق الجودة الفاعل في عمادة الاعتماد والجودة والمعلومات، الضابط لمعاييرها في وحدات الجامعة كافة، والمنظّم لإيقاع العمل من جوانبه المختلفة على وفق سيمفونيّة عذبة، تشتدّ نغماتها حينًا، وتهدأ حينًا آخر، وصولا إلى تحقيق المُراد بنتيجة تُطرب في نهاية المطاف السّامعين، وما زال العمل في العمادة مستمرًّا ودؤوبًا مع الجميع، بإذن الله تعالى القائل:” وقل اعملوا فسيرى اللهُ عملَكم ورسولُهُ والمؤمنون”؛ وصولًا لنيل سائر كليات الجامعة شهاداتِ ضمان الجودة الوطنيّة الذهبيّة الغالية.
ومن ثمّ، فقد جاء حصول الجامعة على هذه الذهبيّة بفضل الله تعالى، في وقت حرِج على المستوى الوطنيّ، كما العالميّ، تتضاعف فيه جهود الأفراد والمؤسّسات الوطنيّة بمقدّراتها وإمكاناتها كافة، ومنها جامعة الشرق الأوسط، لمواجهة جائحة (كورونا) التي أصابتنا في أعقار ديارنا، فغيّرت مساراتِ حياتنا، وقلبت موازينَها، وتسبّبت في بثّ مشاعر اليأس والإحباط في نفوسنا؛ الأمر الذي بعث فينا الأمل من جديد، وأكّد أن العمل المتقنَ الحسَن بروح الفريق يعقُبه الفوز والنجاح.
ومن بعدُ، فإنّ جامعة الشرق الأوسط التي ترتكز في سياستها على “كونها جامعة إنسانيّة عالميّة، تتخذ من الإسلام وسيلة مُثلى للرفعة وللرقيّ، وللمحبة والتعاون والوئام بين الديانات والحضارات والثقافات، وتلتزم بالقوانين والأنظمة والحرية المسؤولة، وتحترم حقوق الإنسان وكرامته، وحقّه في العلم والمعرفة واتخاذ القرار”، وتتخذ من الجودة، والعالميّة، والحوكمة، اختيارًا إستراتيجيًّا لها نحو تحقيق التميّز، وتثق في مخرجاتها حدّ اختيارها رؤسائها من أعضاء الهيئة التدريسيّة العاملين فيها، وجعلِها أولويّة التعيين فيها لخريجيها أمرًا حقيقيًّا مجسدًا على أرض الواقع؛ إنها والله لحريّةٌ بالذهب؛ لأنّه جلّ وعلا لا يُضيع أجر من أحسن عملًا.
بقلم: دة. جمانة مفيد السّالم
رئيسة قسم الجودة/ جامعة الشرق الأوسط