منذ بداية جائحة الكورونا ونـحن نتعامل من آلية أحادية الجانب تعتمد كلياً على أوامر الدفاع والإجراءات الحكومية لمنع انتشار الوباء على نطاق واسع، وإحتواء المصابين والمخالطين ومعالجتهم، وإجراء الفحوصات العشوائية، واتخاذ التدابير الممكنة للعودة إلى الحياة الطبيعية تدريجياً، وضمن احترازات السلامة العامة.
ولأن الأمور سارت على هذا النحو لفترة طويلة وصعبة ومعقدة، تشكل انطباع عام بأن تحسن الأوضاع أو تراجعها هو من مسؤولية الحكومة، وقامت على هذا الأساس الواهي معظم الانتقادات الشعبية، وهناك بالطبع بعض الانتقادات الموضوعية التى تنشد الصالح العام، خاصة تلك التى تلفت الانتباه إلى أهمية العمل في اتجاه حماية الاقتصاد الوطني من الانهيار نتيجة طول أمد تعطل معظم قطاعاته الحيوية، الأمر الذي يمكن أن يقود إلى الركود أو الكساد إذا لم نتمكن من إعادة تشغيل المنظومة الاقتصادية ولو في الحد الكافي لمنع الوقوع في المحظورات!
لكن معظم الضغط الشعبي الذي بدأ يتصاعد الآن ناجم عن رغبة التحلل من القيود التى فرضتها مقتضيات التصدي للوباء، وذلك أمر يعتمد أساسا على مدى الاستعداد الحقيقي والصارم لأخذ الاحتياطات الوقائية الواجبة في حال استجابة الجهات الحكومية لضغط من هذا النوع، وقد رأينا رأي العين خلال فترة ما قبل عيد الفطر كيف تصرف كثير من المواطنين في مناطق مختلفة من المملكة على نـحو يبعث على الحيرة والتعجب، وكأن الوباء ليس موجوداً، أو انه محصور في من أصيبوا في الأشهر الثلاثة الماضية وحدهم، دون سواهم !
نـحن اليوم أشد ما نكون بحاجة إلى مواجهة حقيقة للمسؤولية الفردية، أي أن يدرك كل واحد أنه مسؤول عن غيره قبل أن يكون مسؤولا عن نفسه، لأن المرض لا يقف عند حامله وحسب بل يتمدد بسرعة فائقة ومؤكدة إلى كل من حوله في عائلته الصغيرة وأهله وجيرانه، وكل من يتعامل معه في محيطه القريب والبعيد على حد سواء.
لقد حان الوقت لكي ندرك أن عودتنا إلى الحياة الطبيعية لم يعد مرهونا بإجراء حكومي، إنما هو مرهون بوعي وإلتزام ومسؤولية كل واحد منا كبيرا كان أم صغيرا، رب أسرة أو فرداً فيها، موجوداً في بيته أو في عمله أو الشوارع والميادين العامة على حد سواء.