التفسير العلمي – من الناحية الإعلامية الرقمية- للمسارعة فِي نشر أخبار كاذبة، وغَيْر مثبتة بِسَبَب حادثة الانْفِجَار الَّتِي حصلت فِي الزَّرْقاء أمس مرده إلى وفرة عالية فِي أدوات بث الـمُحْتَوى (منصات التواصل الاجتماعي، وأدوات الاتصال الـمُخْتَلِفَة)، مُقابِل قلة وندرة فِيما يُمْكِنُ للمرء أن يناقشه فِي هَذِهِ الْوَسائِل، فيؤدي بِهِ إلى التقاط أي مَعْلُومَة بغض النظر عَن صحتها، وَمُحَاوَلَة إيجاد تفسير لَهَا، فيسرع إلى بثها مُدَّعِيًا أن لَدَيْهِ الحَقِيقَة، وَالـمَعْلُومَات الصحيحة.
ولتقريب الصُّورَة أكثر، لنفرض أن شخصًا وجد نَفْسه فَجْأةً وسط كَمِّيَة هائلة من أشهى الطَّعَام، وَبِطَرِيقَة لَمْ يتوقعها فِي حياته، سيقع فِي مفارقة أن حاجته لِلْطَعامِ محدودة، وقليلة، والمتوفر كثير، وهَذَا سيؤدي فِي بَعْض الأحيان إلى تناوله كميات هائلة من الطَّعَام تقوده إلى التهلكة، وهَذَا ما يَحْصل مَعَنَا فِي حَيَاتنَا الواقعية بِسَبَب منصات التواصل الاجتماعي وَعَلَى رأسها الفيس بوك والتويتر، عِنْدَمَا يَجِد المواطن العادي فَمهِ مَفْتوحًا ولا كَلام موجود فِي رأسه ليقوله، فيلجأ إلى خياله الَّذِي يخلط جزءًا من خزعبلاته مَع الوَاقِع الصحيح، فينتج لَدَيْنا محتوى كاذب من الدرجة الأولى، وقابل للتصديق أيضا للأسف.
فَهَذِهِ الـمَنَصات، والأدوات وفرت لأيّ إنسان القُدْرَة عَلَى البث الْمُباشر، ونشر أي محتوى بأيِّ وَقْت، وَدونَ تكلفة تذكر، وَدونَ وُجُود أي رقيب أوْ حسيب، وَفِي الـمُقَابِل لَمْ يَتِمّ تأهيل من يَقُوُم باستعمال هَذِهِ الـمَنَصات والأدوات – ولا يُمْكِنُ أن يَكُون هَذَا متوفرًا فِي الـمُسْتَقْبل القريب- فنتج عَن ذلِكَ حُصُول فيض كَبِير فِي الـمَعْلُومَات المتناقضة، وتشويش أكبر عِنْدَ المتلقي.
لَنْ يتوقف سيل الأكاذيب، وفيض التضليل، وَالـمَعْلُومَات المتناقضة عَن الظهور فِي أي فُرْصَة سانحة، وخاصة أثناء الحوادث الخطيرة، وَلِلأسَفِ فإن وَسَائل الإعلام الرسمية فِي بلادنا، ونتيجة ظروف مُعَيَّنَة لا تَسْتَطِيع مجاراة شغف، وَحُبّ النَّاس لِلْحُصولِ عَلَى الـمَعْلُومَات، وحسب القاعدة المعروفة، فإن كل شَيء لا يقبل الفراغ، وإذا لَمْ يقم المختصون (الإعلاميون المؤهلون) بتعبئة الفراغ، وَفُضُوُل النَّاس لِلْحُصولِ عَلَى الـمَعْلومَة، فإن مغامري العالم الرقمي هم الأقدر والأسرع عَلَى سد هَذِهِ الثغرة الخطيرة، وهم مثل الدواء غير المجرب، يعالج عَرضًا صغيرًا، وَلكِنَّهُ قَدْ يأخذ روح الإنسان فِي طريقه. فَهَلْ يعي المسؤولون فِي بلادنا ذلِكَ؟